الحكاية فعل تحرير ﻓﻲ ﺻﻐﺮﻱ ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺳﻤﻊ ﺣﻜﺎﻳﺔ، ﻟﻢ ﺃﻛُﻦْ ﺃﻓﻜّﺮ ﺃﺑﺪًﺍ ﺃﻥّ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺑﺸﺮﻳﺔ . ﺃﻭ ﺃﻥَّ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣَﻦ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﺪْﺭ ﻣِﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎﺀ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖْ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺷﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ . ﻓﻲ ﻛﻞّ ﻟﺤﻈﺔ ﻛﻨﺖُ ﺃﺷﻌﺮ ﺃﻧّﻪ ﻋﺎﻟَﻢٌ ﺁﺧﺮ، ﻣﻮﺍﺯٍ ﺭﺑﻤﺎ، ﺃﻭ ﺷﻲﺀٌ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﻨّﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪُ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻠﻔﺎﺯ ﻣِﻦ ﺍﻟﻜﺮﺗﻮﻥ، ﺷﺨﻮﺹ ﻋﻈﻴﻤﺔ، ﻭﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺑﻄﺎﻝ، ﻓﻲ ﺃﺭﺽٍ ﻫﻲ ﺃﺭﺽُ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ . ﺑﻌﺪَ ﺫﻟﻚ، ﺃﺩﺭﻛﺖُ ﺃﻥَّ ﻛﻮﻥَ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔِ ﺣﻜﺎﻳﺔً ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻄﻲ ﻟﺸُﺨﻮﺻِﻬﺎ ﻛﻞَّ ﺗﻠﻚَ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﻴّﺔ، ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﺸﺨﻮﺹ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻨﺢُ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻋﻨﺎﺻﺮَ ﺍﻷﻟَﻖ .. ﻗﺮﺭﺕُ ﻭﻗﺘَﻬﺎ ﺃﻥ ﺃﺟﺮّﺏ، ﺃﻥ ﺃﺣﻮّﻝ ﻭﺍﻗﻌًﺎ ﺇﻟﻰ ﺣﻜﺎﻳﺔ، ﺗﺤﻤﻞُ ﻣﻌﺎﻥٍ ﻻ ﺗﻘﺪﺭُ ﻋﻠﻰ ﺣﻤْﻠِﻬﺎ ﻏﻴﺮُ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺎﺕ . ﺃﻥ ﺃﺻﻨﻊَ ﻣﻦ ﻣﺸﻬﺪٍ .. ﻗﺼّﺔ .. ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺻﻴﻒ ﻃﻔﻞٌ ﻳﺒﻜﻲ، ﺗﻘﺒﺾُ ﻣﻌﺼﻤَﻪ ﺍﻣﺮﺃﺓ، ﺑﻌﺒﺎﺀﺓٍ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔٍ ﻛﻴﻔﻤﺎ ﺍﺗَّﻔﻖ . ﺗﺤﻤﻞُ ﺃﻛﻴﺎﺳًﺎ ﺻﻔﺮﺍﺀ، ﻭﺃُﺧﺮﻯ ﺯﺭﻗﺎﺀ . ﺧﻠﻔﻬﺎ ﺑﺎﺏٌ ﻧﺼﻒُ ﻣﻔﺘﻮﺡ، ﺗﻔﻮﺡُ ﻣﻨﻪ ﺭﺍﺋﺤﺔُ ﺑﺸَﺮ . ﻗﻄﻌَﺖ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ . ﻛﺎﻧﺖْ ﺗﺒﻜﻲ . ﻧﻈﺮﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻛﺄﻥَّ ﺃﺛﻘﺎﻝَ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﻠّﻬﺎ ﻓﻮﻗَﻬﺎ ﻭﻗﺘَﻬﺎ ﻋﻠﻤﺖُ ﺃﻥَّ ﺗﻌﺎﻃُﻔﻨَﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ، ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔِ ﺫﺍﺗِﻬﺎ . ﺑﻌﺪﻫﺎ، ﺻﺮﺕ ﺃﺣﺐُّ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺎﺕ . ﺃﻗﺪِّﺳُﻬﺎ . ﻭﺃﻋﻤﻞ ﻗﺪﺭ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻄﻌْﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﺻﻨﻊ ﻣﻤّﺎ ﺃﺭﻯ ﺣﻜﺎﻳﺎﺕٍ ﻛﺜﻴﺮﺓ . ﺣﺘّﻰ ﺃﻧﻘُﻞَ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ - ﻭﺇﻥْ ﻛﺎﻥَ ﺑﻨﻈﺮﻱ ﻓﺤﺴﺐ- ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢْ ﺍﻵﺧﺮ . ﻋﺎﻟَﻢ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ، ﺣﻴﺚ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ، ﻳﻜﻮﻥ ﺣُﺮًّﺍ . ﻓﺎﺿﻠًﺎ . ﺍﻵﻥ، ﻭﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺻﻐﺮﻱ، ﻣﺆﻣﻦٌ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ، ﺇﻧﻘﺎﺫ ﻟﺸﻲﺀٍ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻴﺎﻉ . ﻭﻣﺎ ﻋﺰّﺯَ ﺫﻟﻚ، ﺃﻧَّﻨﻲ ﻣﺎ ﺯﻟﺖُ ﺃﺳﻤﻊُ ﻣَﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﻛﺄﻧّﻨﻲ ﺃﻗﺮﺃُ ﻧﻔﺴﻲ، ﻓﺄﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﺑﺨﻴﺮ . ﻷﻥَّ ﺍﻟﺤﻜَّﺎﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﺮﺍﻭﻱ ﻳﺴﻌﻰ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺇﻟﻰ ﺇﻧﻘﺎﺫِ ﺷﻲﺀٍ ﻣﺎ ﻣِﻦ ﺍﻟﻔﻘﺪﺍﻥ . ﺇﻳﺠﺎﺩُﻧﺎ ﻷﻧﻔﺴِﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺎﺕ ﺁﺕٍ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ، ﻓﺎﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻓﻌﻞٌ ﺗﺤﺮﻳﺮﻱ ﺁﺧﺮ ﻳﻜﺎﺩُ ﻳﻮﺍﺯﻱ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ . ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥَّ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻳﺤﻔﻆُ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﺎ ﻣِﻦ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ . ﺃﻥ ﺗﻘﺮﺃ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺗﺠﺪَ ﻧﻔﺴﻚ، ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺟﺪْﺗَﻬﺎ، ﺃﻣِﻨﺖَ ﻣِﻦ ﺍﻟﻀﻴﺎﻉ . ﺃﻥ ﺗﻜﺘﺐ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺗﺤﺮﺭ ﺟﺰﺀًﺍ ﻣِﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ . ﺃﻥ ﺗﻜﺘﺐَ ﺣﻜﺎﻳﺔً ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺗﺴﺒﻖَ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻐﻤُﺮَ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ، ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﺍﻟﻮﺭﻗﺔ، ﺍﻟﻌﺸﺐ، ﺍﻟﻤﻄﺮ، ﺍﻟﻮﻃﻦ، ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﺣﺘّﻰ ﻧﻔﺴَﻚ . ﺃﻥ ﺗﻜﺘﺐَ ﺣﻜﺎﻳﺔً، ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ، ﻭﻳﻜﻮﻥَ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﺖ . ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣِﻦ ﻫﺬﺍ .. ﺃﻧﺎ ﺃﻛﺘﺐ . ﺳﻴﺒﻘﻰ ﺣﺒّﻲ ﻟﻠﺤﻜﺎﻳﺎﺕ، ﻛﻤﺎ ﺃﺣﺐ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ، ﻭﺃﺣﺐ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ، ﻭﻛﻤﺎ ﻳﺤﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻤﻄﺮ . ﺇﺑﻘﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ .. ﺑﺄﻥْ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﻷﺩﺏ . ﻭﺳﺄﺑﻘﻰ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻃﻔﻠًﺎ .. ﺃُﻓﻀِّﻞُ ﺣﻜﺎﻳﺔً ﻋﻠﻰ ﻗﻄﻌﺔ ﺣﻠﻮﻯ . الشيخ فلاح الجربا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق