الخميس، 3 نوفمبر 2016

اليابان نهوض أمة نهضة في الامم



تطرح سؤلات عديدة حول ما سر معجزة اليابان؟ او ما سر نهوضها ؟ لاجابة : بأن سر نهوضها شيئان اثنان، هما: إرادة الانتقام من التاريخ، وبناء الإنسان، هذا هو الذي نهض باليابان إرادة الانتقام من تاريخ تحدى أمة هزمت وأهينت فردت على الهزيمة بهذا النهوض العظيم، وبناء الإنسان الذي كرسه نظام التعليم والثقافة.

فالنقلة النوعية التي أحدثها الشعب الياباني في التاريخ الإنساني المعاصر تعد مثلًا أعلى لشعوب العالم، ولا غرو فهزيمة كبرى تلحق به في الحرب العالمية الثانية تثير في نفوس أبنائه الغيرة على بلادهم، وتلهب نيران الحماسة في صدور شبابه على مستقبلهم ومكانتهم بين دول العالم، ولذا فهم استمروا في المحاولات وظلوا وما زالوا يبحثون عن السبل التي تمكنهم من الرقي والتقدم، وما انفكوا حتى حولوا بلادهم إلى مكانتها المتقدمة بين شعوب الأرض قاطبة، فأصبح اسم اليابان مطبوعًا في أذهاننا ؛ لما يقدمه ذلك البلد من اختراعات وصناعات للعالم، ذلك البلد الذي لم تثنه الحروب عن التقدم والازدهار، وعكف على بناء نفسه، وأدرك قادته أن لا سيادة لهم إلا بالعلم واليد العاملة.


بتدقيق النظر في التجربة اليابانية، فإننا لا نندهش من هذا التقدم الذي يقف أمامه العالم كله مذهولا، مندهشا ففي أميركا وأوروبا وروسيا يعكف أهل العلم والتقدم والتكنولوجيا على دراسة الإنجاز الاستثنائي لهذا البلد الشرقي الذي ينافسهم في أمضى أسلحتهم ومخترعاتهم، كما يثير تقدم اليابان دهشة الشرقيين وإعجابهم، دون أن يتمكنوا من اللحاق به على كثرة ما حاولوا وجربوا.‏ ونحن العرب نتساءل: لماذا تعنينا اليابان، وهي في شرق آسيا، وبيننا وبينها آلاف الأميال ؟‏ ويمكن القول أن لدى العرب أهمية خاصة لدراسة تجربة اليابان للأسباب التالية:‏
بعد كارثة مفجعة تمثلت في هزيمة مؤلمة من قبل قوات الحلفاء عند نهاية الحرب العالمية الثانية فقد كثير من الناس والسياسيين الأمل في قدرة هذه الدولة على أن تقف على قدميها من جديد؛ لأنها تراجعت إلى دولة مهزومة من دول العالم الثالث، لم يكن من المتوقع لها أن تقف على قدميها، فكيف بقدرتها على أن تهيمن على الواجهة العالمية بعد عقدين من نهاية الحرب العالمية الثانية. تلك الهزيمة النكراء والخسائر البشرية الهائلة والدمار غير المحدود كانت أسبابًا حقيقية
اليابانيون قوم شرقيون مثلنا بدأوا مسيرتهم نحو التقدم من واقع العزلة والتخلف الحضاري كما بدأنا في النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي، ولكن شتان ما بين بداية وبداية, فلماذا هذا الفارق الشاسع بيننا؟!
اليابان حققت التحديث والتقدم بالمحافظة على تراثها وتقاليدها ومؤسساتها القومية والدينية الأصلية، والعرب يريدون أن يحققوا التقدم والتنمية دون التضحية بتراثهم وتقاليدهم، لكنهم لم يتمكنوا حتى الآن لا من تحقيق المطلب الأول وهو التقدم، ولا من الحفاظ على التراث كما يجب!!‏
اليابان تمثل طليعة قوة بشرية حضارية هائلة جديدة توشك أن تتسلم زمام القيادة العالمية من الجنس الأبيض, وهي قوة شرقية ليست لها أطماع بالنسبة لنا.. ونحن العرب نقف هنا موقف المتفرج المشجع !!
يذكر الدكتور حسين حمادي في كتابه «أسرار الإدارة اليابانية» أن المراقبين يفسرون حالة «إدمان العمل» التي يلاحظونها على إنسان اليابان المعاصر بأنها تعود في جزء كبير منها إلى تأثير التربية التي ركز عليها نظام التعليم منذ الصغر. فقد وفرت هذه الجرعة المؤثرة شحنة مستديمة عند اليابانيين إلى درجة تجعلهم يخشون عدم العمل، فهم يدركون تمام الإدراك أن توقفهم عن العمل يعني أن بلدهم سيتوقف عن الوجود! ومن ثم فلابد للأمة من خطة حضارية واضحة المعالم والغايات تتفق عليه الصفوة المثقفة والعقول الواعية مع الأجهزة الرسمية في الدولة، لأن مثل هذه الخطة ستكون بغير قيمة إذا انطلقت من غير أحلام الأمة أو انبثقت عن جهة غريبة عنها. ولا بد من أن تصبح الخطة التعليمية جزءًا عضويًا من الخطة الحضارية للأمة، بحيث تتمثل في مفرداتها روح هذه الخطة ويكون محققًا لها وموصلًا إليها. ولكي تحقق الخطة التعليمية الحالية الشرط السابق لا بد من مراجعة شاملة وتصحيح أساسي في المضمون والأسلوب؛ فأما في المضمون فتجدر مراجعة كل الجزئيات لتعاد صياغتها بما يخدم التوجه الجديد، وأما في الأسلوب فلا بد من نبذ الأساليب التلقينية التي تعطل ملكة التفكير وتشل القدرة على الإبداع. لا ينبغي أن يكون المطلوب من الدارسين استظهار معلومات لا يلبثون أن ينسوا أكثرها عن قريب، بل تنمية حاسة التعلم، وتطوير القدرة على البحث، وتعليم التفكير، وتنمية الإبداع والابتكار.أما تركيز التعليم على تقديم المعلومات بمعزل عن تربية القيم فسوف يقود إلى إجهاض الخطة برمتها وتفريغها من محتواها لتصبح شبحًا بغير روح. ولعل هذا التأكيد لا يكون غريبًا على المؤسسة التي آثرت أن يكون اسمها وزارة التربية والتعليم ولم يقتصر على التعليم فقط.
إن «المؤسسة التعليمية» هي أضخم تشكيل في جسم الأمة، فهي تضم نحو ثلث سكان الدولة، أما حجم الإنفاق على هذا القطاع فيكاد يصل إلى ربع موارد الدولة، فإذا عجزت هذه المؤسسة الجبارة عن أن يكون لها في خطة الأمة النهضوية الحضارية أعظم الدور وأبلغ الأثر، فحري بالأمة أن تنسى هذه الخطة، وتقنع ببقائها في الذيل من ترتيب أمم الأرض اليابان في لغة الارقام حاليآ . . .  الاقتصاد الثالث عالميًا بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين بدخل قومي يبلغ (4.901 تريليون دولار)، والثالثة على العالم في تصنيع السيارات ومع ذلك تمتلك الشركة الأكبر عالميًا في المجال (تويوتا)، الأولى عالميًا في صناعة الإلكترونيات، والدولة الدائنة الأكبر في العالم (الأكثر إقراضًا للدول الأخرى)، والدولة الثانية الأكبر في العالم امتلاكًا للأصول المالية “سندات/ أسهم/ ودائع بنكية” بقيمة (14.6 تريليون دولار) بعد الولايات المتحدة وبما يوازي حجم الأصول المالية لكندا وبريطانيا وألمانيا مجتمعين وثلاثة أضعاف الأصول المالية الصينية!تمتلك اليابان بمفردها 57 شركة في نادي الـ500 شركة الأغنى والأكبر على سطح الأرض، تنفق على البحث العلمي والتقني ما يزيد عن 150 مليار دولار سنويًا (المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالكامل)، المركز الرابع عالميًا كأفضل بيئة موائمة للابتكار، تمتلك أكثر شبكة قطارات تقدمًا في العالم، وثالث أفضل نظام تعيليمي وهي الدولة الأفضل في خدمة العملاء في أي مجال بحسب تقرير التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، وتمتلك العدد الأكبر من المهندسين والتقنيين نسبة إلى عدد السكان بعد الولايات المتحدة وإسرائيل، والثانية بعد الولايات المتحدة في نسبة إنفاق الشركات على البحث العلمي. وفي الختام اليابان نموذج عظيم يحتذى بة ويجب الاستفادة من هذة النموذج الحي وبناء الانسان العربي بناء متعلم متحضر قادر على التنافس والانجاز المعرفي والتحرير الفكري قادر على العطاء . الشيخ فلاح الجرب
ا
 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق